- إنضم
- 14 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 10.950
- مستوى التفاعل
- 37.098
ان كنا نبحث عن المثال الافضل في "مخيالنا الشعبي" في تونس عن مجتمع متكلّس فلن نجد افضل من المجتمع السعودي لوصف ذلك. فهو ذلك المجتمع الذي تكمم افواهه و تستباح حرّياته. شبابه لا منفعة لهم في الحياة و آباؤهم يملكون آبار نفط تحت قصورهم و تقف الصقور على رؤوسهم حارسة لهم "في ظنّها" لكن ما يحدث قد يساهم في تبددّ هذا التكلس و معالجة تلك الصورة التي نحملها عنه في مخيلتنا.
ان هذا التكلّس الذي نحمله عن المجتمع السعودي يبدو أنه بدأ في الانحسار بوجود وسائل التواصل الحديث و خاصة التويتر. و السعوديون هم اكثر مستعملي هذا الموقع حيث حصلت على نسبة 41% سنة 2013. ينحدر مستعملي الموقع في السعودية من الفئات العمرية بين18 سنة و 34 سنة.
و تدخّل هذا الموقع و مستعمليه في الحياة الخاصة للسعوديين واضح المعالم خاصة مع تراجع دور هيئة الأمر عن المعروف و النهي عن المنكر عبر تقليص صلاحيات السنة الماضية. تقليص دور الجاثم على الصدور قدّم الفرصة لمن يريد ممارسة حريته في التعبير عن هواجسه في مجتمع تحكمه العديد من القيود والتقاليد الصارمة. و اصبح توتير في بعض الحالات منصة للاحتجاج الالكتروني وهو ما يتجلّى واقعة وفاة طالبة سعودية و الذي كان سببه عدم السماح للاسعاف بدخول الجامعة لعدم وجود محرم. حينها تعالت الاصوات او "التويتات" لمحاسبة المخالفين منتقدين "نسبية" مسألة الاختلاط ان كانت تتعلق بحالة حرجة. و لم تسلم مثلا وزارة التعليم في السعودية من احتجاجات الطلبة عبر الموقع مطالبين الوزارة برفت مسؤول تقاعس في عمله تارة او السماح بالحرية في النقاش في بعض "المواد النظرية" كما وصفها احد المغردين تارة اخرى اضافة الى مطالب اخرى طريفة كمراجعة سياسة الغيابات او حذفها.
موقع اليوتيوب هو الاخر يحضى باهتمام الشباب السعودي. إذ قال رئيس «غوغل إندستري» في دول الخليج العربي ألفونسو دي جيتانو، في دراسة أنجزتها مؤسسته، إن السعودية «حلّت بالمرتبة الثالثة عالمياً في عدد مشاهدات يوتيوب في اليوم الواحد، وذلك بعد أميركا والبرازيل، ووصل عدد مشاهدات الموقع في المملكة إلى 90 مليوناً في اليوم الواحد».( نقلا عن جريدة الحياة الالكترونية)
هذا التواجد سمح بوجود Youtubers سعوديين. تتنوع اختصاصاتهم بين الفنّي و الgamer او التجاري او الرياضي (استفدت شخصيا من متابعتي ليوتوبر سعودي حين قمت بوضع برنامج تدريب رياضي خاص بي. انقر هنا للتوجه للقناة). وان كنتم تعتقدون ان اصحاب هذه القنوات من الذكور فقط فعليكم بتغيير رأيكم. الشابات السعوديات اقتحمن الشبكة و هو ما ينافي بشكل تام التقاليد المجتمعية بكشف الوجه في الفيديو و تناول مواضيع ذكورية في مطلبية واضحة او لمشاركة مواضيع انثوية تخص المرأة في جمالها و كينونتها او كما يقال "تبرجها". نجود الشمري طالبة سعودية في مجال الصيدلة تعتبر خير مثال عن اقتحام الشابة السعودية لهذا المجال
من تجليات المطلبية مجموعة من الفيديوهات التي حصدت ملايين المشاهدات. بدأ الأمر عبر اغنية بربس و التي قلد رقصتها عشرات الخليجيين و اخرجها المخرج السعودي ماجد العيسى ليتجاوز الامر نحو اغنيات اكثر جرأة ك"هواجس". و نرى فيها فتيات بالنقاب تلعبن كرة السلة و تحاولن تقليد الرجل السعودي. الفيديو و بوضوح يتعرض لمشاكل المرأة السعودية في حياتها اليومية و القيود التي تفرض عليها من قبل المجتمع. شخصيا لم افهم كلمة واحدة من الاغنيةلعل حظكم سيكون اوفر. لكن الفيديو جدّ معبّر.
اغنية مطلبية اخرى و هذه المرة فهمت ما يقال فيها و تتناول بصورة ساخرة قضية منع المرأة السعودية من القيادة من انتاج برنامج على اليوتوب يسمّى بالفئة الفالة. استخدم فريق البرنامج لحن اغنية Sia Cheap Thril و قاموا بتغيير مضمونها. تقول بعض كلمات الأغنية التي تشارك فيها فتاة من دون نقاب: "وانا مالي سأقود وأعبّي وقود وزيت" ليردّ عليها شباب بعبارة "خلّيكي في البيت!".
و يبدو ان السلطات السعودية تركب هذه الموجة اولا عبر تقليص صلاحيات بوليس الاخلاق و ثانيا عبر الترخيص للحفلات الموسيقية و دور السينما في قرار ملكي في وقت سابق من الشهر الحالي. جابهها كالعادة تحذير من مفتي المملكة من هذا التوجه باعتبار أنّه مفسد للأخلاق ومدمر للقيم نقلا عن موقع رصيف22. هذا التوجه مردّه ازمة اقتصادية تجلّت في عجز تجاري اواخر السنة الماضية. و ما السماح للشباب في هذه الفترة بالتنفيس عنهم و لو بشيء قليل هو صرف انتباه عن ازمة البطالة و عدم قدرة المملكة على توظيفهم عبر الانفق الحكومي.
المحتوى الالكتروني في السعودية ينفجر. ولا اقدر الا على رفع القبعة لهؤلاء لابداعهم حتى لو لم افهم شيئا مما يقال في بعض الاحيان. لكني كشاب اتمتع على الاقل بحرية التعبير أثمّن على ما يقومون به من انتاج فكري و فني يتّسم بالابداع. و أتمنى ان يواصلوا على هذا النهج. هي ايضا دعوة لنا نحن شباب المغرب العربي و تونس بالخصوص لالقاء نظرة حول هذا المحتوى الشبابي السعودي لعلّه يمحي بعضا مما نحمله من افكار مسبقة عن بخل و شحّ و تكلس فكر الشباب السعودي.
التعديل الأخير: