• كل المواضيع تعبّر عن رأي صاحبها فقط و ادارة المنتدى غير مسؤولة عن محتوياتها

نقمة الولادة و مأساة الوجود

حمزة1986

عضو
إنضم
3 جوان 2015
المشاركات
853
مستوى التفاعل
1.490
ان أسوء انكسارات الانسان وأعظم ما قد يحصل لأحدهم هو الولادة ولو كان البشر يعلمون مدى المأساة والمعاناة التي يسببونها بإنجابهم لولولوا و ناحوا و ألقوا الرماد فوق رؤوسهم عوض القهقهة و الزغردة و المحفلة و في هذا الاطار شعر العديد من المفكرين المتنورين بهول مأساة الولادة لما تحمله معها من معاناة نفسية و جسدية شديدة في بعض الأحيان و لكن الأسوأ من كل هذا هو العجز التام عن ادراك مسائل وجودية عديدة مثل السعادة و مسائل ميتافزيقية مثل الموت... و لعل أكثر المفكرين الذين تناولوا المسألة باهتمام و حرص شديدين هو الفيلسوف سيوران الذى اعتبر الولادة هزيمة كبرى للفرد ذلك أن الولادة تعنى الموت و ما بينهما من شقاء و الام لذلك أعلن سيوران رسميا فشل الانسانية و دعا الى اخصائها و اعقارها لإيقاف لعبة الموت المسبوقة بفخ الولادة و لعنتها و في هذا السياق صدم سيوران الإنسانية بأسئلة تثنيه عن سم نهايات رجل الدين المتآمر مع الموت مثل ما هو مصيرنا؟ لماذا يسرق الموت من نحب؟ ولماذا ينتصر الشر ويهزم الخير؟ ولماذا نتألم؟ ولماذا نحرم من حق الاختيار؟ وعديد الأسئلة الأخرى وفي هذا السياق كتب عديد الكتب وله عديد المقولات مثل" نحن لا نعدو باتجاه الموت وانما نهرب من فاجعة الولادة اننا هاربون متعاركون نحاول نسيان هول اللحظة الأولى"."السوء في واقع الامر يقبع أمامنا وهذا ما فات المسيح وأدركه بوذا"."أن لا تولد مجرد التفكير في ذلك يالها من سعادة يالها من حرية يالها من مساحة"...........................
 
كتابات سيوران من أروع ما قرأت على مستوى عمق التفكير و الغوض في التجربة الوجودية للإنسان.
تحسّو فاهم الدنيا مليح و يفاجئك باستنتاجات على قد ما تكون قاسية و موجعة فإنها في نفس الوقت صادقة و نابعة من حكمة الفيلسوف.
عندي برشة ما قريتلوش حتى حرف و هكة خير. "العدمية" (nihillisme) أو "العبثية" (l'absurde) انا نشبههم بلعبة الغواية : ياسر محلاهم يسرحوا بيك في فضاء آخر بعيد على سطحية اليومي.. أما زادة ينجموا يزيدو على مرمّتك كي تبدا ديجا واحل في état de dépression.
حاصيلو الوجيعة مجعولة أساسا باش نتمردوا عليها و المعنى موش موجود حتى لين نخلقوه أحنا، نصنعوه في خيالنا و تفكيرنا ساعة باش ينجم يتحول لحقيقة. تعلمت اللي الواحد بالضرورة لازمو يكون براغماتي باش يقدّم و يتجاوز الأوقات الخايبة، خاطر كان باش يركز مع الألم و يطبّع معاه باش يتعب برشة. تحياتي.
 
اعتبار الولادة نقمة والوجود مأساة وجهة نظر لها أصولها ومباعثها، لكنّ هذه الفكرة تعكس أيضا رؤية للإنسان تظهره مكبّلا عاجزا . والواقع أن للإنسان مجال فعل شاسع يجعل وجوده انتصارا على الموت . فطبيعة فعل الإنسان الحرّ المسؤول عن اختياراته تضمن له ملء كيانه وتخليد مسيرته.نعم من ينتظر السعادة من الخارج ولا يبحث عنها داخلها ومن ينتظر الخلاص مستوردا سيرى الولادة نقمة والوجود مأساة .أما من يعتقد في إرادته وقدرته فسيشقّ طريقه وسط الصّخر ويرى الولادة مناسبة لخوض تجارب عدّة تكسبه إنسانيّته وتحقق له الانتصار على الفناء والعدم.
 
هذا الفرق بين من يرى وجود نعمة و من يرى وجود نقمة
 
طبيعي أن تجد المُلحد يلعن الولادة ويخشى الموت - حياة أليمة وعجز مُستمر - لكن من غير الطبيعي أن يُحمِّل المؤمنين مأساته
 
605.jpg


الولادة و الموت سنة الحياة ، لا عيب و لا ٱنتكاسة و لا حزن في ذلك ، إنت عملت مثل الذي يخشى الفشل في دراسته أو مشروعه أو عمله ، فلا يدرس و لا ينجز و لا يشتغل ، هذا دافع للتشكيك في وجود الله سبحانه و تعالى ، دعوة لإخصاء البشرية ، عجبا و ماذا بعد ذلك ..ٱتبعتم الجاهل بوذا و فلاسفة الإلحاد و تركتم طريق الحق ، سكر باب دارك و شد تركينة و ٱعتزل العالم .
 
الوجود البشرى -دينيا- يمر بخمسة مراحل ليس للإنسان فيها اختيار...
-الأولى:..مرحلة عالم الذّر...وهى مرحلة غيبية ..قبل الوجود الفعلى للحياة...حينما كان الانسان في البرمجة الالاهية مُقدّر له أن يُولد و يعيش بقية المراحل الأخرى
-الثانية...مرحلة الجنين وهى مرحلة تشكّل الانسان في البطن ثمّ النزول و الولادة
-الثالثة... وهى مرحلة الحياة التي يعيش فيها الانسان ضمن دائرتين ..دائرة يُسيطر عليها و يُبرز فيها قُدراته و مواهبه و تكون فيها منزلته في الحياة...دائرة ثانية تُسيطر عليه وهو ما يُسمّى بالقضاء و القدر...و الانسان ضمن هذا التصور يخوض تجربة الوجود...و معظم الكتابات الفلسفية الخالدة هي التي انكبت على مشاغل ذات صلة بقضايا شائكة كصراع الالهة ..و مواجهة الاقدار ..و فرض المصير...على أنّ هذه المرحلة هي المحددة لما يتبعها من مراحل..
-الرابعة...مرحلة الموت التي تنتهى بالبعث..
-الخامسة...مرحلة البعث و ما بعده من جزاء او عقاب...
هذا هو قدر الانسان في المنظومة الدينية السماوية...أمّا الاعتراض على هذا التّصور لا يُغيّر من الامر شيئا ...لأنّ الانسان محكوم بحتميات قدرية شاءها خالق الكون و الانسان و الحياة...و القبول بها ليس وجهة نظر...بل قناعة جازمة بأنّ الوجود من حيث هو اضطرار و ليس اختياريا...امّا في التّصوّر المادى فان الوجود البشرى يمر بثلاثة مراحل لا اكثر و لا اقلّ...1- مرحلة الحمل...2-مرحلة الولادة و ما بعدها...3-مرحلة الموت...فلا يوجد في هذه النظرية ما قبل الحمل و لا ما بعد الموت...بينما الكثير من الفلاسفة الاخلاقيين يفترضون وجود المرحلة الخامسة اعتبارا منهم لمفاهيم العدالة و الحق و الجزاء.....
 
أعلى